الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد :
فإنه لا يفصلنا عن شهر رمضان إلا ساعات قليلة، وهي مع قلتها مسرعة تمر مر السحاب.
هذا الشهر المبارك يفرح بقدومه بعض الناس؛ لأن الأجور تتضاعف فيه بغير حدود؛ ولأنه شهر الصبر، (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ))، وقد قال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فيما يروي عن ربه ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به )، فإذا كان المجزئ عن الصوم هو الغني الوهاب فلا يمكن أن نتصور مقدار هذا الأجر .
فهذا الفريق من الناس ينتظرونه بلهفة وشوق ، ويتمنون استمراره . ولنضرب لذلك مثلا دنيويا ولله المثل الأعلى : إذا أعلن حاكم أن الراتب سيتضاعف في شهر ما من السنة للموظفين، فإن كل عاقل منهم سينتظر هذا الشهر بفارغ الصبر . هذا من جانب مضاعفة الأجر . أما من الجوانب الأخرى ففوائد الصوم كثيرة منها تزكية النفس والتحكم في الإرادة، وتعود الصبر، والاحساس بنعمة الله، والتفكر في آلام الجائعين، وتحريك النفوس نحو التراحم والمواساة، وجماع ذلك كله التقوى فقد قال الله تعالى (( لعلكم تتقون )) .
ويتضايق منه بعض الناس الذين لا يهمهم إلا الحصول على شهواتهم الحيوانية، ولا يفكرون في أجر ولا ثواب، فهؤلاء لا يرحبون بقدومه، وإذا قدم يتمنون زواله فنسأل الله لنا ولهم الهداية ، ونختم القول بما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين ) .
آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .